شارك الخبر
تزايد الكثافة السكانية بالكتلة العمرانية في الوقت الراهن بشكل ملحوظ، الأمر الذي أثر ذلك سلباً على البيئة الحضرية، وقد أدى هذا الوضع إلى عدم قدرة طاقة المؤسسات الخدمية في المدينة عن مجابهة تلك الزيادة في حجم السكان، إذ تداخلت فيها استخدامات الأراضي بصورة عشوائية في مواضع كثيرة من أحيا مدينة عدن الموزعة بين شواطئ البحر والخلجان وسفوح الجبال والارضي الرطبة.
إن انتشار العمران وتزايد السكان في الآونة الأخيرة في المدينة قد أثر على بيئة المدينة ونمطية أحيائها التقليدية وجمالها والضغط على خدماتها، حيث أنتشر فيها البناء العشوائي بصورة لم يسبق لها مثيل، لاسيما في الحالة الراهنة الذي يمر بها اليمن في مرحلة حرب وعدم الاستقرار منذ 2011م، وقد ساعد هذا الوضع على ظهور الممارسات السلبية التي عصفت بالمدينة من فوضى وعشوائية والتعدي على المساحات العامة والأراضي والمؤسسات الحكومية، وتكدس حالات الفقر والبطالة وانتشار الجريمة والتدهور البيئي والصحي في المدينة، وقد اأنعكس ذلك سلباً على عملية التخطيط الحضري وجمال المدينة، وسوء توزيع السكان والخدمات الأمر الذي يؤدي إلى إعاقة وظيفة مدينة عدن الاقتصادية.
وعليه فإن هذا الوضع يستدعي إدراكه من قبل الجهات المسؤولة والمجتمع معا، والتنبؤ لمخاطرها على مستقبل الاستدامة التنموية للمدينة.
إن الخلل في التركيبة الزمكانية للمدينة التي تعيشها مدينة عدن التي ترزح تحت ضغوط حضرية تجعلها في حالة فقدان دائم للكثير من المكتسبات الحضارية، والاقتصادية بوصفها من اهم مدن المواني في المنطقة، الأمر الذي يدفعها إلى المزيد من التشوه وفقدان القيمة والوظيفة الاقتصادية والجمالية والتاريخية التي يفترض أن تعبر عنها هذه مدينة العريقة، نظرا لموقعها المتميز ومستقبلها الحضري، إذ صارت تفقد جمالها البيئي، ومخزونها التاريخي وشهرتها الاقتصادية لتتوارى أجزاء كبيرة من المدينة القديمة ومعالمها التاريخية العتيقة والزحف على أراضي الميناء والمنطقة الحرة ، بسبب التعدي عليها بالبناء العشوائي، في ظل غياب دور السلطات، وتدني الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على مخزونها التاريخي، ومستقبلها الاقتصادي والحضري.
إذ تقع المدينة اليوم تحت ضغوط التحضر الذي فرضه النمو السكاني والهجرة للمدينة وسط دائرة الفوضى الحضرية التي تتمحور حول جملة من المشكلات التي تعاني منها البيئة الحضرية بمدينة عدن والممثلة في وجود التعدي والممارسات السلبية التي نتج عنها عدد من المشكلات الاجتماعية والبيئية، وتدني مستوى الخدمات العاجزة عن تلبية احتياجات السكان، وتشويه المظهر العام لجمال المدينة، وغياب التوزيع العادل للإسكان والتنمية.
تحضى عدن أهمية كبيرة بوصفهم من أهم مدن المواني في العالم. إذ تحتل وموقع مينائها المتميز والواقع على مفترق خطوط التجارة الدولية وما تحويه من معالم تاريخية واثرية، شكلت عنوناَ بارزاَ لمدينة كسموبولوتيكية هاجرت إليها الأجناس المختلفة عبر الزمن وتعايشت فيها الطوائف والأديان، لهذا تكمن أهمية عدن الذي يراهن عليها كمدينة مستقبلية في الاقليم، وهو الامر الذي يستدعي العمل الجاد عن إشكالية النمو الحضري المتزايد في المدينة، ومعوقات التنمية الاقتصادية والحضرية المستدامة، والبحث عن الحلول الملائمة والمستديمة لإشكالية التكتلات العمرانية، مما يجعلها مدينة مستقبلية، زاخرة بين مدن العالم، بالاستفادة من موقعها الاستراتيجي، الذي يمنحها قدرة تنافسية كبيرة في الاقتصاد العالمي لجعلها مدينة جاذبة للسكن والتنمية تلبي احتياجات السكان المتزايد فيها من خدمات مختلفة .
لذا يمكن تلخيص هذه الاشكالية في الاتي :
1. تتفاقم حجم المشكلات الحضرية التي تعاني منها مدينه عدن باطراد، كالتوسع الحضري غير المخطط بالمدينة، الأمر الذي يودي إلى مزيداً من التعقيدات والتكلفة الباهظة، امام مستقبل المدينة الاقتصادي والحضري.
2. ان النمو والتطور الحضري لمدينة عدن خلال العقدين الأخيرين، سادهما العشوائية التي تفتقر إلى التدخلات التخطيطية الفاعلة، مما أدى هذا الوضع إلى تفشي وانتشار المناطق العشوائية التي أصبحت مدن بذاتها ليس داخل المدينة فحسب، بل انتشرت في فضاء المدينة تلتهم المساحات التي ممكن ان تشكل مستقبلا لتوسع نشاط المدية في الجوانب التنموية والاقتصادية.
3. ان توسع مدينة عدن يغلب عليها الطابع السكني والتجاري الجزئي، مع تدني خدمات البنى التحتية كالمياه والكهرباء والصرف الصحي، والطرقات، والاتصالات، والمساحات الخضراء والحدائق، التي ممكن ان تستوعب قيام المشاريع الاقتصادية الكبيرة من مصانع وغيرها تتناسب وخصوصية المدينة كمدينة ساحلية تحتويها واحده من أهم الموانئ في المنطقة والتي اشتهرت في القرن الماضي على المستوى العالمي.
4. أصبحت المضاربة على الأراضي في المدينة تمثل عائقاً امام التنمية الحضرية المستدامة.
5. غياب الرؤية الواضحة لمستقبل المدنية المرتبطة بالميناء، مما أدى ذلك إلى تطاول العبث بالأراضي الخاصة بالميناء والتي أصبحت أراضيها مهددة تعيق مستقبل نشطاها التجاري والملاحي.
6. إن الوصول إلى نموذج التنمية الحضرية الأمثل والفعال، بما يحقق النتائج الاجتماعية والاقتصادية المنشودة من خطّة توسيع المدينة، يتطلب اعتماد معايير الاقتصاد الحضري والالتزام في تطبيقها مما يقلل من تبعات توسيع حجم ونمو المدينة السلبية على منافع المواطنين ورفاهيتهم.
7. إن إشكالية التحضر تحتاج إلى اجراء مزيداَ من الدراسات الدقيقة نظراَ لما تعانيه المدينة في الوقت الراهن من مشاكل جمة سوأ على مستوى بنياتها التحتية أو قلة ومحدودية الخدمات المتوفرة فيها، أو التدخل في نسيجها الحضري.
في الاخير إننا نثمن دور المحافظ في القرار الذي اتخذه في وقف البناء العشوائي والبسط على أراضي المنطقة الحرة. ونقترح علية تشكيل لجنة مهنية وقانونية ومجتمعية تتوالى مساعدته في وضع المعالجات وحسم كثير من مشكلات الأراضي، وتحديث هيئة الأراضي بعناصر نزيهه تباشر عملها وتعالج الاختلالات في هذا المجال.
أ. د. فضل الربيعي