شارك الخبر
– – – – – – – – – – – – – – – – – – – – بعيدِ الحربِ بات مجتمعنا يعجُ بالفاسدينَ بل وتكاثر عددهمْ حتى صاروا ينافسونَ التجارُ ورجال الأعمال علننا في مظاهرِ الحياة. .فهم يمارسونَ البذخُ ويعيشونَ عيشة الملوكَ. يسافرونَ ويمشونَ في الأرضِ مرحا وكأنهمْ يخرقونَ الأرضَ ومشرئبهْ أعناقهمْ وكأنما سيبلغونْ الجبالُ طولاً . . . بينما عامة الشعب يعيشون في وضع بائس فقير يتضورُون جوعا ويفترشُون الأرضَ ويلتحفُون السماءَ وعندما نقولُ هولاء فاسدونَ إنما نعني أنَ هذهِ الطبقةَ الثريةِ مرتبطةً بطريقةٍ أوْ بأخرى بمالِ الشعبِ يكتنزون أموالا وقد أمنوا الحسابِ والعقابِ لأن هذا المال سائبا ينهلونْ منهُ دون حياء أو وجل بل لأيأخذونهُ خلسةِ أوْ تغييرِ فليساتْ في أوراقٍ مستنديةٍ كما جرتْ العادةُ في الفسادِ في تجاربِ دولِ العالمِ بلْ يحملونَ كريناتْ ويغرفونَ غرفا إلى خزائنِ لأتريدْ أنْ تمتلئَ وكانها غربة مخرومةً . . .
أصبحتْ المصالحُ الحكوميةُ خاصةً وكلَ شيٍ مباحٍا والمجتمعِ يشهدُ ذلك صامتا مذهولاً وربما مرعوبا أوْ مصدوما . . . لكنَ المواطنَ معذورٌ فإلى منْ المشتكى ؟!
أولُ مرةٍ في حياتي سافرتْ القاهرةُ كانَ عامُ 90 بعيدٍ الوحدةِ بقليلٍ كنتَ حينها طالبا في موسكو أدرسُ القانونُ وعرجت على القاهرة وفيها مكثتْ شهرَاكاملاً أحببتُ أنْ اطلعَ على معالمَ القاهرةِ . . ووجدتْ في السائق الحنطورِ ضالتي وكنتَ استمعَ للعربجيِ بينما يشرحُ لي معالمُ القاهرةِ . . فكانَ يقولُ هذا بيتُ عبدِ الحليمْ . . وهذهِ عمارةُ فريدٍ الأطرشْ وهذهِ لفريد شوقي وهذا المسرحُ بناهُ فلانٌ وذاكَ القصرُ بناهُ فلانُ كلهمْ أما تجارا أوْ فنانينَ كسبوا أموالهمْ منْ عرقِ جبينهمْ . . ولمَ اسمعْ منهُ عنْ عمارةِ جمالْ عبدِ الناصرْ أوْ الساداتْ أوْ مباركٍ أوْ الطنطاويِ أوْ السيسي . لكنْ تعالوا بنا إلى عدنَ وضواحيها فإنكَ لنْ تسمعَ عنْ عمارةِ فتاحْ أوْ عنترْ أوْ صالحِ مصلحْ أوْ مسددوسْ ولا حتى باجمالْ . . ولكنْ نشاهدُ هذهِ عمارةُ القائدِ فلان وهذهِ عمارةُ المديرِ فلان وهذا قصرُ فلانٍ . . بكلِ بجاحةِ وخلالَ سنواتٍ . . .
منْ أينَ لكَ هذا ؟..
لنْ يتجرأَ أحدٌ بالسؤالِ وانْ سالَ منْ يسألُ فالمتهمُ صوماليٌ والحاكمُ صوماليٌ كمانٌ !!
بعيد حربِ 94 عدتَ منْ دراستي الجامعيةِ وقررتْ الاغترابَ ومكثتْ أكثرُ منْ 21 عاما بلياليها وبوظائف مرموقةٍ وكبيرةٍ بدرجةِ مديرٍ عامٍ ولمْ أستطعْ بنا عمارةً كتلكَ التي بناها الفاسدونَ الجددُ وخريجي جامعة 7 / 7 القدامى …
لقدْ حرصَ الفاسدونَ ومازالوا على تعطيلِ القضاءِ كيْ لا يقولُ كلمتهُ ضننا منهمْ أنهمْ لنْ يحاسبوا يوما فلا تأمنوا!!
ولاتناموا غريري الأعينُ!!
سيأتي منْ يدخلُ كلتا يديهِ في بطونكَ وينتزع ماسرقتوهْ ومعها أحشائكمْ . . .
لكنَ الأبشعَ أنَ الفاسدينَ قدْ بدائوا يلبسوا ثوبُ القداسةِ والعودةِ إلينا منْ النافذةِ بمشاريعَ جديدةٍ وبأعلامٍ وطنية . . ويختبئوا خلفِ عباراتٍ منمقةٍ وشعاراتِ براغهْ وصوتَ عالي . . . لا تفرحوا كثيرا وأنتمْ تجمعونَ حولكمْ براغيثَ القمامةِ تصفقُ لكمْ . .
مهلاً ثمَ مهلاً فأنتمْ مرصودينَ واحدٌ واحدٌ اسمُ اسمٍ وسيأتي صباحنا الجديدُ منْ مكانهِ البعيدِ . . . .
عبدالناصر السنيدي ..