شارك الخبر
تكشف لنا كتب التاريخ سراً لم تذكره نقوش الكيانات العربية الجنوبية القديمة التي مدت سيطرتها على معظم أجزاء الجزيرة العربية، لكنها لم تتسَمَّ باسم اليمن، وتذكر هذه النقوش عن وجود كيان سُمّي “يمنات” ولكنه لا يُعرف بعد موقعها الجغرافي قياساً بحضرموت أو سبأ أو حمير أو قتبان ومعين. وقد تعارف المؤرخون أن يمن لدى عرب الشمال يعني الجنوب لا أكثر ولا أقل حسب تعبير د.محمد عبدالقادر بافقيه الذي يدلل أن وجود باب في مدينة صنعاء المؤدي إلى الجنوب هو باب اليمن. وهكذا فأن اليمن في لغات جزيرة العرب القديمة تعني الجنوب وعكسها الشمال وتعني الشام. وفي علم الجغرافيا تبدأ حدود الجنوب حيث تنتهي حدود الشمال، فإذا اتخذت أية نقطة في وسط الجزيرة ولتكن الكعبة مثلا، فإن الشام هو شمال تلك النقطة واليمن جنوبها.
وتأسيساً على ما تقدم فأن التعريف التاريخي لليمن في المصادر التاريخية والجغرافية العربية لا صلة له بالهوية الواحدة أو الشعب الواحد، وبالمثل كذلك دول الشام قديمها وحديثها. وكل الدول والممالك والكيانات الكثيرة التي قامت في جنوب الجزيرة العربية مثل سبأ وحمير ومعين وقتبان وحضرموت وأوسان غيرها عُرفت بأسماء ملوكها أو مناطقها, ولم تجعل من اليمن كإقليم تعريفاً عن هويتها, ولم يحدث أن خاضت حروباً باسم وحدة اليمن، أو رفعت اسم اليمن كمسمى جامع لوحدة سياسية. وقد أنكر الأديب الكبير الراحل عبدالله البردوني فكرة أو مفهوم “إعادة توحيد اليمن” كاشفاً أنه لم يتحد عبر التاريخ وإنما تخضع الجغرافية لأنواع من السيطرة الداخلية وغلبة القوة.
وفقط منذ عام 1918م ظهرت لأول مرة في التاريخ دولة تحمل صفة أو مسمى اليمن هي “المملكة المتوكلية اليمنية” ومنذ ذلك الحين أصبح الاسم لصيقا بها وبمناطق نفوذها السياسي..ثم احتفظت الجمهورية العربية اليمنية بالاسم بعد الانقلاب الذي أطاح بالنظام الإمامي..
حتى عشية الاستقلال الوطني 30نوفمبر 1967م لم يُنسب الجنوب العربي قط إلى أية دولة بصفتها السياسية اليمنية وعُرف بأسماء سلطناته ومشيخاته المحلية التي كانت تُعرف بسلطنات ومشيخات الجنوب العربي ثم توحدت عشية الاستقلال باسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية, ولهذه التسمية ملابساتها المعروفة.
#علي_صالح_الخلاقي