شارك الخبر
دلتا برس ـ كتب/ عقيل الحنشي
تمثل استقالة الدكتور أحمد عوض بن مبارك من رئاسة الحكومة اليمنية لحظة سياسية فارقة، لا فقط لكونها جاءت في وقت حساس، بل لأنها تكشف بوضوح عمق الأزمة البنيوية التي تعاني منها حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب، والتي أصبحت مجرد هيكل هشّ لا يعبّر عن واقع الأرض ولا يلبي احتياجات الناس.
لقد حاولت حكومة المناصفة أن تقدم نفسها كحل توافقي للمشكلة اليمنية بعد اتفاق الرياض، لكنها تحولت سريعاً إلى جزء من المشكلة.
فغياب التوافق الفعلي وتضارب المصالح ورفض تمكين رئيس الوزراء من ممارسة صلاحياته، كل ذلك قاد إلى عجز حكومي واضح، ظهر في أسوأ صوره في المحافظات المحررة التي تركت فريسة للانهيار المعيشي والخدمي.
ما حدث لم يكن مجرد استقالة، بل إعلان موت لفكرة المناصفة في ظل ظروف غير منصفة.
كيف يمكن لحكومة تضم وزراء من محافظات يسيطر عليها الحوثي أن تمثل الدولة؟
وكيف نطالب الناس في عدن أو شبوة أو حضرموت بالصبر على المعاناة المعيشية بينما بعض الوزراء لا يستطيعون حتى الوصول إلى وزاراتهم؟
إن ما يجري يفرض على القيادة السياسية إعادة تعريف شكل الحكومة القادمة، بعد أن ثبت أن حكومة المناصفة لا تستطيع أن تنقذ المناطق المحررة، ولا أن تحرر المناطق المحتلة.
وهنا، أرى أن أمام القيادة خيارين لا ثالث لهما:
الخيار الأول:
تشكيل حكومة جنوبية بحتة.
هذه الحكومة ستمنح المجلس الانتقالي الجنوبي القدرة على تحمّل العبء المؤسسي والخدمي، وتمكنه من تحسين الأوضاع المعيشية في الجنوب.
وهو ما سينعكس إيجاباً على المواطنين، ويضع القوى الشمالية أمام تحدي تاريخي:
إما تحرير أراضيهم من الحوثيين، أو مواجهة حقيقة أن الجنوب يسير بثقة نحو تقرير مصيره.
الخيار الثاني:
تشكيل حكومة من المحافظات المحررة فقط.
بمعنى، ألا يعيّن أي وزير من محافظة ما تزال تحت الاحتلال الحوثي، لأن فاقد السيطرة لا يمكنه أن يخدم أو يمثل.
وحكومة كهذه ستكون أقدر على العمل الفعلي، وستشكل حافز مؤثر لأبناء المحافظات الشمالية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين لبذل كل الجهود في مواجهة المشروع الإيراني واستعادة جمهوريتهم المختطفة.
وبالنهاية استقالة بن مبارك ليست مجرد أزمة، بل فرصة لإعادة البناء على أسس واقعية.
لقد انتهى زمن الحلول الرمادية والمناصب المجاملة وحان وقت الخيارات الواضحة.
إما أن نواجه الواقع بشجاعة أو نواصل الدوران في حلقة الفشل نفسها.