شارك الخبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ عيدروس نصر
كان عرض السيمفونية الغنائية اليمنية التي قدمتها فرقة أوركسترا “حضرموت للثقافة” على مسرح “مغادور Mgador” في العاصمة الفرنسية باريس حدثاً استثنائياً في تاريخ الموسيقى في بلادنا، بكل المعاني والأبعاد.
قائد الفرقة الأوركسترالية الموسيقار محمد القحوم لم يقم فقط بتوزيع الأدوار الموسيقية بين العازفين والمغنيين ومتابعة أداءهم لأدوارهم، بل كان يوزع معها البهجة والابتسامات وباقات الفرح والمرح على كل من في القاعة.
ومثلما كان الحدث كان الحضور الجماهيري استثنائياً، شارك فيه جمهورٌ عريض من الفرنسيين واليمنيين من الجنسين الذين قدموا من مختلف البلدان الاوروبية، من مختلف مدن فرنسا بلد إقامة الفعالية، من هولندا، من بريطانيا، من ألمانيا، وسويسرا والنمسا وإسبانيا والبرتغال ومن بلدان أوروبية أخرى.
تعددت هويات المشاركين بين سفراء ودبلوماسيين وبين مواطنين مقيمين أو مغتربين قادمين من مختلف بلدان أُروبا.
لم يكن العرض الأوركسترالي جميلاً ومقنعاً فقط، بل لقد كان مدهشاً ومثيراً ومفاجئاً إلى درجة جعلت كل الحاضرين يواصلون التصفيق بلا توقف طوال فترة العرض وحتى في فترة الفواصل بين الفقرات.
في الفعالية الأوركسترالية التي قادها المايسترو محمد القحوم بنجاح وإتقان لا يضاهى، قدمت الفرقة الموسيقية أداءً مميزاً بمستواه وشجوه ومضامينه عميقة الدلالة.
في الفعالية قدم الفنان حسين محب فقرةً صنعانية جميلة الهبت أكف الحاضرين بالتصفيق والتفاعل المعبر عن تشبث الحاضرين بمعاني وأبعاد ومضامين اللون الصنعاني المبهر لكل من يدرك معانيه.
كما قدم الفنان رمزي محمد نصاً جميلاً من التراث اليافعي من أغاني الخالد يحي عمر :
” يحيى عمر قال قف يا زين
سألك بمن كــــحَّل اعيانك
من شكَّلك بالحـــــلا شكلين
من شكّ لولك ومر جــانك”
وقدم الفنان خالد الصنعاني موالاً جميلاً من تعز معبراً عن تعز الجميلة بفنها ومكانتها الثقافية المتميزة.
ومن الفن الحضرمي استمتع الحاضرون بموال حضرمي جميل أداه الفنان عمر كرامه با عوضان بمصاحبة فنانة فرنسية واكبت الأداء بإتقان ومهارة جميلين، وموال بحري من مواويل الصيادين أداه الفنان جاسم خير الله بمصاحبة صوت السمسمية الشجيِّ.
بيد إن مشاركة الفنان الوطني الجنوبي الكبير عبود خواجة كان لها مدلولٌ كبيرٌ لا تخطئه العين حيث أدى فقرتين تهامية في منتصف العرض نالت الاستحسان الذي يحظى بها عبود على الدوام، وفقرة لحجية قدم فيها نصين من أجمل ما انتجه الفن الجنوبي هما:
“با لي من الزين نظرة
وبـــــــعد يارب توبه”
و “وا على محنا”
وحينها ماجت القاعة بالتصفيق والزغردة والتغاريد الجنوبية الجميلة، ما دفع الكثير من الحاضرين للتساؤل: من أين جاء هذا الحشد الكبير المهووس بعبود وفنه؟؟
وأخيراً
• الفعالية كانت برعاية رجال الأعمال
1. عبد الله بقشان راعي مؤسسة “حضرموت للثقافة”
2. قاسم الشرفي
3. قاسم الذيباني
لهم كل الشكر والتقدير والثناء.
• الملاحظة التي يرصدها كل متتبع لما تعيشه اليمن من أزمات وحروب وانهيارات وتراجعات باتجاه القرون الوسطى، يتساءل: كيف نفهم ذلك التناقض بين حالة السياسة التي تذهب باتجاه الانهيار، أو بالأصح استكمال الانهيار الذي تعيشه، وبين حالة النهوض الذي تعيشه الثقافة والفنون والآداب خارج نطاق المؤسسة الرسمية التي لا وجود لها أصلاً؟؟
وهو ما يعني أن الطبقة السياسية لا تعيش في العالم الذي يعيش فيه الشعب وصانعو الثقافة الفن والإبداع، وأن بين الطرفين انفصامٌ لا يمكن ردم فجوته.
• التساؤل الذي يمكن أن يخطر على بال أي مهتم بأمور الموسيقى والثقافة هو: هل فعلاً دخلت بلادنا زمن السيمفونيات والأركسترا، فالمعطيات تقول أن لدينا الممكنات البشرية، وما الفنان محمد القحوم وفريقه إلا نقطة البداية قد ينطلق بعده الفن الأركسترالي خطوات متقدمة إذا ما توفرت له متطلبات النمو والنهوض.
• كانت مشاركتي وزميلي الدكتور علي صالح أبو شامة قادمين من مدينة شيفيلد البريطانية، فرصة للقاء بعدد من الزملاء المبدعين أمثال الروائي وعالم تكنولوجيا المعلومات البروفيسور حبيب السرور، والروائي الأديب علي المقري، والموسيقار محمد القحوم قائد الأوركسترا، والفنانين الرائعين الربان عبود خواجه، سعيد بن سعيد الكلدي، حسين محب ورمزي محمد الذين قدموا مشاركين في الفعالية الأركسترالية والزملاء عمر الدهشلي وفرحان بن دعبان ود. حسبن السقاف قادمين من هولندا ورئيس الجالية الجنوبية في فرنسا محسن الربيعي وغيرهم العشرات.