شارك الخبر
كان النّابغة الذّبياني يجلس تحت قبّة حمراء و يستمع إلى قصائد الشّعراء و يحكم بينهم و يحدد مراتبهم
وفي إحدى السّنوات أنشدت الخنساء قصيدتها الرّائعة في رثاء أخيها صخر الّتي تقول في مطلعها:
قذى بعينيك أم بالعين عوّار
أم أقفرت إذ خلت مِن أهلها الدّار
كأنّ عيني لذكراه إذا خطرت
فيضٌ يسيل على الخدّين مــدرار
أعجبته القصيدة و قال لها :
لولا أن ” الأعشى ” أنشد قبلك لقلت إنك أشعر الإنس والجن ، فغضب حسان بن ثابت و قال : أنا أشعر منك و منها .
فطلب النّابغة من الخنساء أن تجادله.
فسألته الخنساء : أيّ بيت هو الأفضل في قصيدتك فقال:
لنا الجفنات الغرّ يلمعن في الضّحى
وأسيافنا يقطرن مِن نجدة دما
قالت له : إنّ في هذا البيت سبعة من مواطن الضّعف…
قال حسّان بن ثابت : كيف ؟
فقالت الخنساء : الجفنات دون العشر و لو قلت الجفان لكان أكثر
و قلت “الغرّ” والغرّة بياض في الجبهة ولو قلت “البيض” لكان البياض أكثر اتساعا
و قلت “يلمعن”، والّلمعان انعكاس شيء من شيء
ولو قلت “يشرقن” لكان أفضل
و قلت “بالضّحى” و لو قلت “الدّجى” لكان المعنى أوضح وأفصح
و قلت “أسيافا” و هي دون العشرة
و لو قلت “سيوف” لكان أكثر
وقلت “يقطرن” و لو كانت “يسلن” لكان أفضل
فتعجّب من فصاحتها وفطنتها وعلمها بأسرار الشّعر والشّعراء.