شارك الخبر
بقلم : فاروق المفلحي
كلما قرأت مواضيع عن روعة السكن في بيوت الطين، تعجبت في أن بلادنا شيدت أول مدن في العالم من الطين، بل أن مدينة شبام أو ناطحات سحاب الصحراء حققت أعجوبة في البناء من الطين، وتسامقت بنيانها لتصل إلى ١٤ دورا . ومدينة شبام الطينية مسجلة عالميا كمدينة تراث إنساني .
صمدت هذه الناطحات الطينية لقرون طوال في بلادنا ، ورغم عدم الصيانة المستدامة فقد بقيت بنيان الطين شامخة ،وهي اليوم شاهدة وتدعونا ان نعود إلى السكن في بيوت الطين ،مع ادخال الحديث من مواد البناء مثل السراميك والبلاط وكذلك تصميم المرافق من دورات مياه ومطابخ تتناسب مع مقتضيات البيوت الحديثة .
ولقد تعجبت في ان “تخصص التصميم المعماري الطيني ” لم يدرج ضمن مناهجه تصميم بيوت الطين في كليات الهندسة والعمارة في بلادنا ، بل أنني أكاد أجزم أن قسم العمارة لم يساهم في بناء بيتاً واحداً كنموذج سواءً في شبام أو في حوطة .لحج ، حيث لمحت هناك بعض بيوت الطين .
والطين معنا وحولنا وهو أقرب إلينا وسهل التشكيل ولا يحتاج إلى تصنيع أو أدوات وحديد مثل بيوت الحجارة ، بل أن بناء بيتا من الطين قد يشمل السقف القوسي ومن الواح الطين الذي يتحمل ثقل وبالأطنان .
وعن بيوت الطين فان مؤسسة الانشاءآت في أبين كما حدثني مديرها السابق الاستاذ صالح سعيد يحيى المفلحي ،حيث أخبرني أن محافظة أبين كانت قد بدات في التخطيط لبناء بيوت طين حديثة وصممت بيتا طينيا مع سقف قوسي يصمد لتحمل اثقال بالأطنان .
وقال كنا على مسافة تماس من بناء مشروع سكني متكامل من الطين ، إلا ان الوحدة المباركة! أجهزت على كل مؤسسات الإنشاء الست حيث كان لكل محافظة مؤسستها . صادرت صنعاء كل معدات المؤسسات وموادها وتقدر قيمة معداتها بأكثر من مليار دولار في سعر ذلك الزمان . ولم ترف جفن لصنعاء في تسريح كل الموظفين والفنيين والمهندسين وتحيلهم إلى التقاعد القهري وتصادر كل المعدات والأدوات لتباع او تهدى كمكاسب حرب .
وعودة إلى البناء بالطين فان التقنية تفيدنا في بناء مدن سكنية حميمة ، وفي اوقات قياسية مع ادخال البلاط والسراميك وكذلك المواد الصحية بحيث تتناسب في أن تكون اكثر رفاهية وجمالاً ومعاصرةً . وبيوت الطين هي الافضل في العزل الحراري شتاءً وصيفاً كما انها سريعة الإنجاز فيمكن بناء احياء كاملة بوقت قياسي ولدينا من الطين ما يكفي لبناء مدن من اليوم إلى يوم الدين .
سوف ارفق لكم بمقالي صور لبيوت الطين وهي معروفة ، حيث ان بيوت الطين اليوم لها من العشاق في السعودية وفي بعض قرى مصر بل وتجاوز ذلك إلى المانيا التي اصبحت رائدة في بناء بيوت الطين مع ادخال كل المواد الحديثة ، وكذلك تطريزها بالحديث من الالوان والشبابيك الجميلة .على ان البشر من اصل الطين والى الطين . فلماذا نجافي اصلنا فنحن من صلصال! واملي ان تتنبه كليات الهندسة والعمارة في بلادنا في التركيز على بيوت الطين فهي التي كانت ولا زالت تشكل تاريخنا واجمل ملامح العمارة في بلادنا .
كما أطالب بأنشاء معهد بدورات قصيرة في تعليم فن بناء بيوت الطين مع ادخال خلاطات الإسمنت لتصبح خلاطات الطين مع القش ، والذي يشكل مادة التسليح في بيوت الطين ، ولادلل على تماسك وصمود بيوت الطين فهناك في حضرموت مساجد تشكل مآذنها فخامة في التصميم والسمو وكلها من الطين والقش وصمدت قرون طويلة .
عودوا إلى بيوت الطين فهي اسهل في البناء وراحة في السكن ولا تكلفنا الكثير . على انني لا اطلب بناء بيوت الطين في يافع مثلا ، والتي لها نمطها التي تنسجم مع بيئتها ولكنني اتمنى ان تنتشر بيوت الطين في حضرموت والمهرة وبعض قرى لحج وابين وشبوة . فبيوت الطين هي الحل لمشاكل السكن المكلفة وهي الأسهل في الصيانة بل والصمود حيث تتوفر مواد عازلة تمنع تغلغل مياه الأمطار فتضعف الجدران . فكروا في بناء بيوت الطين فهي الحل، ففي بلادنا نسبة عالية من الاسر بدون سكن . والسكن كيان ومن لا يملك السكن ليس له كيان في هذا الكوكب .