شارك الخبر
دلتا برس متابعات
مع تصاعد الحرب على لبنان وتفاقم الأزمات السياسيّة والأمنيّة، يجد القطاع السياحي نفسه في قلب العاصفة. الحرب لم تؤثّر فقط على الأوضاع الأمنيّة، لكنّها ضربت عصب الاقتصاد اللبناني الذي يعاني أساسًا من أزمة ماليّة واجتماعيّة مستمرّة منذ سنوات. السياحة، التي كانت دائمًا متنفّسًا حيويًا لهذا البلد الصغير، باتت اليوم تكافح من أجل البقاء وسط مشهد اقتصادي متدهور وحالة عدم يقين مع استمرار الحرب.
نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي في لبنان طوني الرامي قال في حديث لموقع “الحرة” إنّ “الحديث اليوم عن القطاع السياحي لم يعد مجرّد موضوع ترفيهي، بل هو حديث اقتصادي واجتماعي ومصيري بحت”.
وأكّد أنّ “الانحدار الدراماتيكي في القطاع يهدّد قدرة العاملين فيه على الصمود. وأضاف: “نحن في أزمة مستمرّة منذ خمس سنوات، وأموالنا محتجزة في المصارف، ونعاني من أزمة مالية واقتصادية إلى جانب الأزمات السياسية والأمنية التي تحوّلت إلى حرب مفتوحة على لبنان”.
وأشار الرامي إلى “أنّ القطاع السياحي، رغم صموده في وجه الأزمات السابقة، يواجه الآن ضربة كبيرة جدًا تهدّد بفقدان الكوادر المهنية والخسارة الكبرى للوطن والبلد، مع العلم أنّه في عامي 2022 و2023، تمكّن لبنان من استعادة 20 ألف فرصة عمل من الخليج إلى لبنان، بعدما خسر عددًا كبيرًا من الكوادر بسبب تدهور قيمة الليرة اللبنانية، وقطاع السياحة كان من أوائل القطاعات التي اعتمدت “الدولرة”، حيث أعيدت رواتب الموظفين إلى الدولار الأميركي بدل الليرة اللبنانية، بهدف الحفاظ على رأس المال البشري والفكري”.
وأضاف “أنّ أصحاب المؤسّسات قد يتمكّنون من تحمّل تكاليف الرواتب لشهر أو شهرين كحدّ أقصى بسبب ظروف الحرب، لكنّ بعض الموظفين قد يواجهون تخفيضات في رواتبهم تصل إلى النصف أو حتى إلى الاستغناء عن عدد كبير من الموظفين أو الذهاب إلى الإقفال التام للمؤسسة،” وأعرب عن خشيته على مستقبل المؤسسات والكوادر المهنية في ظل هذه الظروف القاسية.
وأكد الرامي “أن نحو 70 إلى 80% من مطاعم بيروت الكبرى قد أغلقت أبوابها، وأن حركة التوصيل انخفضت بنسبة 50%، مشيرًا إلى أن القدرة الشرائية للمواطنين أصبحت معدومة، وهو ما يتضح من خلال انخفاض الفواتير إلى النصف.
وأضاف “أن المناطق الآمنة التي لم تتأثّر بالقصف، مثل بيروت وجبل لبنان والشمال، وهي تشهد حركة أفضل نسبيًا، بينما تشهد المناطق السياحية كبرمانا والبترون زيادة في النشاط خلال العطلات، إلا أن حركة السهر في المناطق الأخرى معدومة تمامًا.
وشدّد الرامي على “أن النقابة تبذل قصارى جهدها للحفاظ على الكوادر المهنية خلال الشهرين المقبلين، خصوصًا مع تزايد الطلب عليهم في دول الخليج”، إلا أنه “حذر من أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى خسائر كبيرة على المستوى المهني والاقتصادي، مضيفًا “أنّ الوضع الحالي يتطلب “نفسًا طويلًا” وإدارة دقيقة للأزمة داخل المؤسسات لضمان استمراريتها”.
وختم الراعي بأنّ “الخسائر التي تكبّدها القطاع السياحي هائلة، حيث كان الدخل السياحي عام 2022 يتجاوز 6 مليارات دولار، أما في هذه السنة فقد لا تتجاوز المبيعات 2 مليار دولار، ما يعني خسائر تقارب 4 مليارات دولار”.
أما نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر، فأشار في حديث لموقع “الحرة” إلى “أنّ المناطق الآمنة شهدت زيادة في الطلب على الفنادق بسبب النازحين الذين يبحثون عن أماكن آمنة، إلا أن معظمهم لا يبقى سوى لعدّة أيّام قبل أن يجدوا شققًا للإيجار بتكاليف أقل، أو يستخدمون الفنادق كحلّ مؤقّت قبل مغادرة البلاد”.
وأكّد الأشقر “أنّ حركة الفنادق غير مستقرّة، حيث تكون ممتلئة في بعض الأيام وشبه خالية في أيام أخرى، وذلك وفقًا للأحداث وشدّة القصف في بعض المناطق. وأضاف “أن الفنادق ذات النجمتين أو الثلاث نجوم في المناطق الآمنة مثل المتن وكسروان وجبيل في جبل لبنان وبيروت شهدت زيادة في الحجوزات بنسبة 30% بسبب الحرب”.
في ظلّ الحرب والضغوط المتزايدة، يبقى مستقبل القطاع السياحي في لبنان غامضًا وغير مؤكّد. وبينما يبذل أصحاب المؤسّسات جهودًا جبّارة للحفاظ على استمراريّة مؤسّساتهم، فإنّ استدامة هذا الصمود تعتمد على تطوّرات الأوضاع الأمنيّة والسياسيّة في البلاد