شارك الخبر
دكتور أفندي المرقشي
كما عبّرت العديد من القيادات الجنوبية، وفي مقدّمتها القيادات الحضرمية، بقولها: “حضرموت هي الجنوب، والجنوب هو حضرموت”، في تأكيد صريح على وحدة الأرض، وعمق التاريخ، وتشابه الأهداف والمصير المشترك. غير أن ما تشهده حضرموت اليوم من توترات وتصعيد في الخطاب السياسي، وتجمّعات مشحونة، يمثل تهديداً حقيقياً للُّحمة الجنوبية التي يسعى الأحرار في الجنوب جاهدين لترميمها وتوحيد صفوفها، في محاولة للخروج من التبعات الكارثية لوحدة عام 1990.
إن الممارسات الأحادية، وفي مقدّمتها التحركات المنفردة التي يتبناها الشيخ عمرو بن حبريش، لا تخدم القضية الجنوبية، بل تمثل انتكاسة حقيقية لمشروع الدولة المدنية التي ينشدها شعب الجنوب، وتسهم في زعزعة الاستقرار، وتفتح الأبواب أمام التدخلات الخارجية التي تتربص بالمشروع الوطني الجنوبي، وتسعى لإفشاله. ومع ذلك، فإن هذه التحديات قد تشكل فرصة حقيقية لإيجاد حلول في حضرموت، بعد أن عجز الآخرون عن إيجادها.
وبالطبع يأتي هذا في ظل غياب واضح للدور الفاعل للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت، لا سيما في ما يتعلق ببسط السيطرة الإدارية والأمنية، وتقديم الخدمات الأساسية، والتفاعل الجاد مع هموم المواطنين اليومية. هذا الفراغ السياسي أفسح المجال أمام الانقسامات، وفتح الباب لتأجيج الصراعات التي تعيق تحقيق تطلعات أبناء حضرموت، والجنوب عموماً.
نأمل أن تكون حضرموت نموذجاً يحتذى به في مشروع بناء الدولة الجنوبية المدنية الفيدرالية، فهي تملك من المقومات السياسية والاقتصادية والثقافية ما يجعلها ركيزة استراتيجية لهذا المشروع الوطني الجامع. وإن بقاءها ضمن إطار الدولة الجنوبية الفيدرالية لا يُعد مكسباً للجنوب فقط، بل يمثل ضمانة حقيقية لحضرموت نفسها، للحفاظ على هويتها ومكانتها ودورها الريادي.
ولذلك، فإن تجاوز هذه المرحلة الحساسة يتطلب تحكيم لغة العقل، والعودة إلى طاولة الحوار الجاد والمسؤول، والابتعاد عن الخطابات التصادمية والمواقف الأحادية. يجب الإنصات بإخلاص للصوت الحضرمي الأصيل، الذي ينشد السلام، ويطمح للاستقرار والتنمية، في ظل دولة جنوبية عادلة، يتساوى فيها الجميع تحت مظلة القانون، والشراكة الوطنية، والعدالة الاجتماعية.