شارك الخبر
كلٌّ منا، منذ الطفولة، وله هدف في الحياة، وأنا مؤمن بأن الناس يقضون جلّ وقتهم لفهم الهدف الذي خُلقوا من أجله، ويقضون حياتهم يسعون لتحقيقه. وهنا يكمن في هذا السر؛ فمن يسعون إلى أهدافهم بمزيج من الحب، والشغف، والحماس، هم من تتحقق أهدافهم. وأنا كنت لم أدرك في الطفولة أن الأعمال التي كنت أقوم بها قد حددت غايتي، ومنها تعلمت كيف أكسب العيش واكتشفت ان الشغف والحب لكل عمل كنت أقوم به منذ أول لحظة وأنه هو الهدف الذي أسعى لتحقيقه. فعندما ذهبت مع رفيق الطفولة في أول مهمة لبيع زيت السمسم إلى القرى المجاورة فهي كانت لحظة فارقة في حياتي. ولم أدرك أنه عندما كان يُستعان بي من قِبَل من يملكون الدكاكين في قرانا الصغيرة المجاورة المتناثرة لعمل الديكور الداخلي لدكاكينهم بصورته البدائية، أن ذلك كان عملًا ذا قيمة عالية لمستقبلي، لكني كنت أؤديه بشغف وحب، وفتح لي آفاقًا عملت من خلالها في الخياطة، وغامرت أن أكون مصممًا (ديزاينر)، وأتقنت ذلك. ولم يخطر ببالي أن يكون ذلك العمل يضعني في أول الطريق للنجاح في حياتي، ولم أدرك أن تجربة البيع والشراء في عمر مبكر جدًا في قريتي ستكون هي ما استرشدت به لغاياتي وهدفي في الحياة الشخصية، وكان هو الهدف الذي سعيت للوصول إليه فيما بعد. كل هذه كانت البدايات، وكلها سعيٌ نحو الهدف. لكن أعتقد أنه مع وجود هدف، يبدو كل شيء في مكانه الصحيح. ولتحقيق ذلك الهدف، عليك أن تحب ما تقوم بعمله، وتعمل ما تجيده، وتنجز ما هو مهم لك، وتسعى إليه بصدق وشغف. وعند الوصول إلى أهدافك، سوف تنجذب إليك الموارد، والفرص، والأشخاص بصورة طبيعية. وعندما تحقق النجاح، لا تتصرف بأسلوب يبدو أنانيًّا لمن حولك؛ اجعل من أفعالك في العالم المحيط بك بيئةً مليئةً بالوئام، والحب، والسعادة، والتعاون المثمر، وتكون مصالحك في انسجام تام مع مصالح الآخرين. وكل شيء تفعله يكون معبّرًا عن هدفك في الحياة، وإذا لم يتفق مع هدفك، فلا تفعله أو تؤدِّه. وأنا هنا، بطبيعة الحال، أريد أن أعمل على تحفيز كل الذين يسعون لتحقيق النجاح والارتباط بأهدافهم، وأحثهم على التمسك بها، مهما كانت صغيرة ومتواضعة. فقد سألت نفسي يومًا، عندما وصلت إلى المملكة العربية السعودية: ما هي الوظيفة التي أعمل بها وأحصل من خلالها على الأجر المناسب الذي يُرضي طموحي وأشعر فيها بالراحة والانسجام؟
وفي الحقيقة، إنني كنت عالقًا بين الحاجة للعمل وهدفي الذي أسعى لتحقيقه. وأدركت، بعد ثماني سنين من العمل المتواصل، أنني أحوم حول ذلك الهدف، لكني لم أعترف بوجود نداء يصرخ بداخلي، عندماكنت أتجاهله. حتى لم أستجب لمصدر نظام التوجيه الداخلي، الذي هو مصدر سعادتي والهامي ، ولا حتى لروحي التي تطمح لتحقيق الغاية. لقد خلقنا الله بنظام توجيه داخلي، يُخبرنا كيف يكون شعورك عندما تكون في الطريق الصحيح لتحقيق الغاية أو الهدف. ولهذا، حينما تشعر بأكبر قدر ممكن من مستوى السعادة، فهذه الحالة تكون فيها روحك منسجمة مع غايتك. وعندما تحدّث أحد الموجهين المحترفين عن السر الذي يجعلك تحقق النجاح، قال: إنك تكتشف مبكرًا الشيء الذي تحب فعله أو عمله وأنت في أصغر مراحلك العمرية، ويكون ذلك بقدر المستطاع، ولذلك رتّب حياتك حول هذه الكيفية التي تكسب بها عيشك.
حسين بن أحمد الكلدي
5/5/2025