شارك الخبر
دلتابرس – دفاع العرب
في المشهد العسكري والسياسي المعاصر، اكتسبت المقاتلات متعددة المهام أهمية قصوى، حيث أصبحت عنصراً لا غنى عنه للقوات الجوية الحديثة. هذه الطائرات قادرة على تنفيذ مجموعة واسعة من المهام، بدءًا من تحقيق التفوق الجوي وتدمير الأهداف الأرضية، وصولًا إلى القيام بمهام الاستطلاع وتقديم الدعم الجوي للقوات البرية. إن التوازن الذي تحققه المقاتلات متعددة المهام بين القدرة على المناورة والقوة النارية والمدى يجعلها أصولًا حيوية في الحروب الحديثة، حيث توفر مرونة تشغيلية وفعالية من حيث التكلفة مقارنة بالمقاتلات المتخصصة.
علاوة على ذلك، تعتبر هذه الطائرات عنصراً أساسياً في الحفاظ على الأمن القومي وتعزيز التفوق في ساحة المعركة. إن الاعتماد المتزايد على المقاتلات متعددة المهام يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو منصات مرنة وقابلة للتكيف لمواجهة التهديدات المتطورة باستمرار.
في هذا السياق، يبرز اهتمام دولي متزايد بمقاتلتي “رافال” الفرنسية و “J-10” الصينية كخيارات رئيسية لتحديث القوات الجوية. تعتبر “رافال”، المصنعة من قبل شركة داسو للطيران الفرنسية، خيارًا جذابًا للدول التي تسعى إلى تنويع مصادر أسلحتها وتقليل اعتمادها على المعدات العسكرية الروسية.
في المقابل، تقدم مقاتلة “J-10C” الصينية، التي تصنعها مؤسسة تشنغدو لصناعة الطائرات، بديلاً أرخص بتكلفة أقل من معظم الطائرات الغربية، مما يجعلها خيارًا مغريًا للدول ذات الميزانيات الدفاعية المحدودة.
تشير التقارير إلى اهتمام دول مثل أوزبكستان ومصر بجدية باستكشاف إمكانية الحصول على مقاتلات “J-10C”.
تجدر الإشارة إلى أن المنافسة بين “رافال” و “J-10” لا تقتصر فقط على القدرات التقنية لكل طائرة، بل تتعداها لتشمل اعتبارات جيوسياسية واقتصادية أوسع نطاقًا.
رافال
مقاتلة رافال من إنتاج شركة “داسو للطيران” الفرنسية
تحليل مفصل لمقاتلة “رافال” الفرنسية:
مقاتلة “رافال” هي طائرة مقاتلة متعددة المهام فرنسية الصنع، طورتها شركة داسو للطيران. نشأت فكرة تطوير هذه الطائرة من طلب مشترك للقوات الجوية والبحرية الفرنسية في أواخر السبعينيات لاستبدال أسطول طائراتهما الحالي. تطورت “رافال” كبرنامج فرنسي مستقل بعد انسحاب فرنسا من مشروع المقاتلة الأوروبية المشتركة (ECA)، مما يعكس سعي فرنسا لتحقيق استقلال استراتيجي في مجال الطيران العسكري. كان أول طيران للنموذج الأولي “رافال أ” في عام 1986. دخلت “رافال” الخدمة في البحرية الفرنسية عام 2004، تلتها القوات الجوية الفرنسية في عام 2006.
تتميز مقاتلة “رافال” بخصائص تقنية متقدمة تجعلها من بين أكثر الطائرات المقاتلة قدرة في العالم. تعتمد الطائرة على محركين تربوفان من نوع سنيكما M88-4E مع حارق خلفي، يوفر كل منهما قوة دفع تبلغ 50 كيلو نيوتن في وضع الجفاف و 75 كيلو نيوتن مع استخدام الحارق الخلفي. يمنح هذا التصميم بمحركين “رافال” قوة دفع كبيرة وتكرارًا في حالة فشل أحد المحركات، مما يعزز قدرتها على البقاء في القتال. تبلغ السرعة القصوى للطائرة ماخ 1.8 (حوالي 2222 كم/ساعة)، ولديها مدى عملياتي يزيد عن 3700 كم مع استخدام خزانات وقود إضافية. يمكن لـ “رافال” حمل حمولة قصوى من الأسلحة تبلغ 9.5 طن موزعة على 14 نقطة تعليق في نسخة القوات الجوية و 13 نقطة في النسخة البحرية. يبلغ طول الطائرة 15.30 مترًا، وباع جناحيها 10.90 مترًا، وارتفاعها 5.30 مترًا، بينما يبلغ وزنها فارغة حوالي 10 أطنان، ويصل وزنها الأقصى عند الإقلاع إلى 24.5 طنًا.
رادار AESA
رادار AESA
تعتبر أنظمة الرادار والاستشعار والحرب الإلكترونية في “رافال” من بين الأكثر تطوراً. تستخدم الطائرة رادار RBE2-AA AESA (مصفوفة المسح الإلكتروني النشط) من إنتاج شركة تاليس، والذي يتميز بمدى يزيد عن 200 كم وقدرة على تتبع أهداف متعددة في وقت واحد. بالإضافة إلى ذلك، تحمل “رافال” نظام الحرب الإلكترونية المتكامل SPECTRA (نظام الحماية الذاتية ضد التهديدات)، الذي تم تطويره بالاشتراك بين تاليس وإم بي دي إيه. يوفر نظام SPECTRA قدرات متقدمة للإنذار والتشويش والخداع ضد الرادارات والصواريخ والليزر، ويعتبر من بين أكثر أنظمة الحرب الإلكترونية تطوراً في العالم، مما يمنح “رافال” ميزة كبيرة في بيئات القتال الإلكتروني المعقدة. كما تتضمن “رافال” نظام تتبع وتحديد الأهداف الأمامي البصري (FSO) من تاليس، والذي يعمل بالأشعة تحت الحمراء والمرئية، وهو مقاوم للتشويش الراداري.
فيما يتعلق بالقدرات التكنولوجية الأخرى، تتمتع “رافال” بقدرة على الطيران الشبكي ومشاركة البيانات في الوقت الفعلي مع الطائرات الأخرى ومراكز القيادة والتحكم عبر وصلات بيانات متعددة النطاق العريض. على الرغم من أن “رافال” ليست مصممة كطائرة شبحية من الجيل الخامس، إلا أنها تتميز بتصميم يقلل من المقطع الراداري (RCS) والانبعاثات الحرارية من خلال استخدام مواد مركبة وتصميم خاص لتقليل الانعكاسات الرادارية.
هذه الميزات، جنبًا إلى جنب مع نظام الحرب الإلكترونية المتقدم، تزيد من قدرة “رافال” على البقاء في بيئات التهديد العالية.
جدول مقارنة الخصائص التقنية لمقاتلة “رافال”:
الخاصية القيمة
الشركة المصنعة والبلد داسو للطيران، فرنسا
سنة الإنتاج والدخول للخدمة 1986 / 2004 (البحرية)، 2006 (القوات الجوية)
نوع المحرك وعددها 2 × سنيكما M88-4E تربوفان مع حارق خلفي
السرعة القصوى ماخ 1.8 (حوالي 2222 كم/ساعة)
المدى العملياتي أكثر من 3700 كم
الحمولة القصوى للأسلحة 9.5 طن (14 نقطة تعليق)
نظام الرادار والاستشعار رادار RBE2-AA AESA، نظام FSO
القدرات التكنولوجية طيران شبكي، تقليل المقطع الراداري، حرب إلكترونية SPECTRA
جيه-10سي
مقاتلات صينية من طراز “جيه – 10 سي”
تحليل مفصل للمقاتلة الصينية “J-10”:
مقاتلة “J-10” هي طائرة مقاتلة متعددة المهام صينية الصنع، طورتها مؤسسة تشنغدو لصناعة الطائرات. بدأ تطويرها في عام 1984، وكان أول طيران لها في عام 1998. دخلت الخدمة في جيش التحرير الشعبي الصيني (PLAAF) في عام 2005، وتعتبر أول مقاتلة صينية متقدمة تم تطويرها محليًا، مما يمثل قفزة نوعية في قدرة الصين على إنتاج طائرات مقاتلة متقدمة وتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأجنبية.
تعتمد مقاتلة “J-10” على محرك واحد تربوفان مع حارق خلفي. في البداية، استخدمت الطائرة محركات ساليوت AL-31FN روسية الصنع، ولكن النسخ الأحدث، مثل J-10C، تستخدم محرك WS-10B صيني محلي. يوفر محرك WS-10B قوة دفع تتراوح بين 133 و 144 كيلو نيوتن مع استخدام الحارق الخلفي. تبلغ السرعة القصوى للطائرة ماخ 1.8 إلى 2.2 (حوالي 2200-2700 كم/ساعة)، ولديها مدى عملياتي يتراوح بين 1850 و 3200 كم. يمكن لـ “J-10” حمل حمولة قصوى من الأسلحة تتراوح بين 5600 و 6000 كجم على 11 نقطة تعليق. يبلغ طول نسخة J-10C حوالي 16.9 مترًا، وباع جناحيها 9.8 مترًا، وارتفاعها 5.7 مترًا، بينما يبلغ وزنها فارغة حوالي 9750 كجم، ويصل وزنها الأقصى عند الإقلاع إلى حوالي 19227 كجم. إن اعتماد “J-10” على محرك واحد يقلل من تكلفة التشغيل والصيانة، ولكنه قد يحد من قدرتها على البقاء في القتال مقارنة بالطائرات ذات المحركين.
تحمل مقاتلة “J-10C” رادار AESA من النوع 1475 صيني الصنع، والذي يُعتقد أنه متقدم وقادر على مواجهة التهديدات الحديثة، على الرغم من أن تفاصيل مداه وأدائه ليست معروفة علنًا بالتفصيل. قد تستخدم الطائرة نظام حرب إلكترونية مشابهًا لنظام KG300G أو KG600 صيني الصنع، والذي يوفر قدرات تشويش وخداع ضد الرادارات وأنظمة الاتصالات المعادية. تتضمن نسخة J-10B مستشعر IRST (البحث والتتبع بالأشعة تحت الحمراء) الذي يعزز قدرتها على تتبع الأهداف. على الرغم من أن تفاصيل رادار J-10C وأنظمة الحرب الإلكترونية ليست معروفة على نطاق واسع، إلا أن التقارير تشير إلى أنها متقدمة وقادرة على مواجهة التهديدات الحديثة.
فيما يتعلق بالقدرات التكنولوجية الأخرى، تتمتع “J-10” بقدرة على الطيران الشبكي، مما يعزز فعاليتها القتالية من خلال السماح لها بمشاركة البيانات في الوقت الفعلي مع المنصات الأخرى. تتميز نسخة J-10C بمقطع راداري منخفض وطلاءات شبحية تزيد من صعوبة اكتشافها. تستخدم نسخة J-10CE نظام صواريخ مزدوج متداخل، مما يزيد من عدد الصواريخ التي يمكن حملها.
جدول مقارنة الخصائص التقنية لمقاتلة “J-10C”:
الخاصية القيمة
الشركة المصنعة والبلد مؤسسة تشنغدو لصناعة الطائرات، الصين
سنة الإنتاج والدخول للخدمة 1998 / 2005
نوع المحرك وعددها 1 × WS-10B تربوفان مع حارق خلفي
السرعة القصوى ماخ 1.8-2.2 (حوالي 2200-2700 كم/ساعة)
المدى العملياتي حوالي 1850-3200 كم
الحمولة القصوى للأسلحة حوالي 5600-6000 كجم (11 نقطة تعليق)
نظام الرادار والاستشعار رادار AESA من النوع 1475، مستشعر IRST
القدرات التكنولوجية طيران شبكي، تقليل المقطع الراداري، حرب إلكترونية (محتمل)
مقارنة الأداء العملياتي والاستراتيجي:
في مجال التفوق الجوي، تتمتع مقاتلة “رافال” الفرنسية بميزات بارزة. يتميز رادار RBE2-AA الخاص بها ومدى صاروخ ميتيور بعيد المدى بقدرة فائقة على الاشتباك مع الأهداف خارج مدى الرؤية. في المقابل، تستخدم مقاتلة “J-10C” الصينية رادار AESA وصاروخ PL-15 بعيد المدى. يُزعم أن مدى صاروخ PL-15 مماثل لمدى صاروخ ميتيور. ومع ذلك، تتميز “رافال” بمدفع 30 ملم أقوى من مدفع “J-10C” عيار 23 ملم، مما قد يمنحها ميزة في القتال القريب. في المجمل، يبدو أن كلا الطائرتين تمتلكان قدرات مماثلة في الاشتباكات خارج مدى الرؤية بفضل الرادارات المتقدمة والصواريخ بعيدة المدى، لكن “رافال” قد تتمتع بميزة في القتال القريب بفضل مدفعها الأقوى.
في مهام الهجوم الأرضي، يمكن لمقاتلة “رافال” حمل مجموعة واسعة من الأسلحة جو-أرض، بما في ذلك صواريخ كروز SCALP التي تتميز بمدى طويل. في المقابل، يمكن لمقاتلة “J-10C” حمل قنابل وصواريخ موجهة، لكنها تفتقر إلى المدى الطويل لصاروخ SCALP. بالتالي، تتمتع “رافال” بقدرة أكبر على الهجوم الأرضي بعيد المدى بفضل صواريخ كروز مثل SCALP، بينما تعتمد “J-10C” على أسلحة أقصر مدى للهجمات الأرضية.
في العمليات البحرية، تتميز مقاتلة “رافال” بوجود نسخة بحرية (Rafale M) قادرة على العمل من حاملات الطائرات، مما يمنحها ميزة استراتيجية كبيرة في هذا المجال. يمكن لـ “رافال” أيضًا حمل صواريخ مضادة للسفن مثل إكزوسيت AM39. في المقابل، لا يوجد ذكر لقدرة “J-10” على العمل من حاملات الطائرات في المواد المتوفرة، على الرغم من أنها يمكن أن تحمل صواريخ مضادة للسفن مثل YJ-91. بشكل عام، تمنح قدرة “رافال” على العمل من حاملات الطائرات مرونة استراتيجية أكبر في العمليات البحرية، بينما تقتصر “J-10” على العمليات البرية.
في مجال الردع الاستراتيجي، تتمتع مقاتلة “رافال” بدور فريد من خلال قدرتها على حمل صاروخ ASMP-A النووي، مما يعزز دور فرنسا كقوة نووية. في المقابل، لا يوجد ذِكر لدور “J-10” في مهام الردع النووي، مما يجعل هذه القدرة ميزة استراتيجية إضافية لـ “رافال”.
نقاط القوة والضعف والتجارب العملية:
تتميز مقاتلة “رافال” الفرنسية بنظام حرب إلكترونية متقدم SPECTRA يوفر حماية فائقة ضد التهديدات المختلفة. كما أن قدرتها على العمل من حاملات الطائرات تمنحها مرونة استراتيجية كبيرة في العمليات البحرية. بالإضافة إلى ذلك، تحمل “رافال” مجموعة واسعة من الأسلحة ولديها مدى عملياتي جيد، وقد أثبتت أداءً فعالاً في العديد من العمليات القتالية في أفغانستان وليبيا ومالي والعراق وسوريا. ومع ذلك، فإن تكلفة اقتناء وتشغيل “رافال” أعلى، وسرعتها القصوى أقل قليلاً من “J-10C”. إن سجل “رافال” القتالي الحافل يمنحها مصداقية أكبر في ساحة المعركة الفعلية مقارنة بـ “J-10C” التي لم تشارك في عمليات قتالية مؤكدة حتى الآن.
رادار AESA RBE الخاص بالمقاتلة الفرنسية “رافال”
رادار AESA RBE الخاص بالمقاتلة الفرنسية “رافال”
في المقابل، تكمن نقاط قوة مقاتلة “J-10” الصينية في تكلفة اقتنائها وتشغيلها الأقل، وسرعتها القصوى الأعلى، وقدرتها الجيدة على المناورة، بالإضافة إلى رادار AESA المتقدم في النسخ الأحدث.
تشمل نقاط ضعفها وجود محرك واحد، ومدى عملياتي أقصر قليلاً، ونظام حرب إلكترونية يُعتقد أنه أقل تطوراً من SPECTRA، بالإضافة إلى تجربة قتالية محدودة تعتمد على مزاعم غير مؤكدة. تكمن جاذبية “J-10” في فعاليتها من حيث التكلفة وقدراتها التي تعتبر متقدمة بالنسبة لسعرها، مما يجعلها خيارًا جذابًا للدول ذات الميزانيات الدفاعية المحدودة.