شارك الخبر
2025-05-10
علي الهاشم – باحث كويتي مختص بالشؤون الدفاعية
مرة أخرى تفعلها الصين دون أي ضجة او لفت انتباه. فبعد ان بينت للغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية انها قادرة على مضاهاة ما لديهم بل التفوق عليه من عتاد وتكنولوجيا واسلحة وحتى ابحاث علمية، عبر تزويد ايران و اذرعها وتحديدا الحوثي بمكونات والكترونيات دقيقة تدخل في صنع الصواريخ والمركبات غير المأهولة المسيرة؛ هاهي اليوم وقد احدثت صدمة في الاوساط الغربية والعالمية بعد تزويدها ودعمها لباكستان في مواجهتها للهند وذلك من خلال اسلحة و مقاتلات جوية مثل JF-17 Block 3 و J-10C وصواريخ PL-15 و طائرات إنذار مبكر ومنصات للتشويش والحرب الإلكترونيه والنتيجة خسارة فادحة للهند عبر إسقاط خمسة مقاتلات تصنف من الجيل الرابع فما فوق كالسوخوي Su-30MKI و ميغ-29 مطورة و الابرز مقاتلة الرافال الفرنسية والتي لم تفلح تجهيزاتها الإلكترونيه كمنظومة سبيكترا العتيدة في حمايتها من الصواريخ الصينية التي اطلقتها المقاتلات الباكستانية عليها.
ولايزال منظر القصف المشبع الذي امطرت به ايران تل أبيب وضواحيها في الجزء الأول من شهر أكتوبر الماضي يثير الكثير من التساؤلات حول تمكن طهران من تنفيذ ذلك وبشكل مهول لامس المئتي صاروخ بمدة قصيرة جدا. بعضها لم يشكل خطورة تذكر و الأخرى تمكنت من التملص من الدفاعات الاسرائيلية واخرى أصابت أهدافها (قاعدة نيفاديم الجوية) بدقة متناهية وليس نتيجة صدفه كما ادعت إسرائيل في أول الأمر.
ويعود ذلك الى تزويد الصين عبر عميل سري يطلق عليه الشبح الصيني ايران بانظمة ملاحية متطورة و أجهزة توجيه إلكترونية نوعية من اجل تمكين صواريخهم إصابة أهدافها البعيدة بدقة متناهية.
اما الادهى من ذلك فقد باتت اذرع طهران بالمنطقة وعلى راسها اليمن تمتلك هي الاخرى نفس القدرة بسبب نقل ايران خطوط إنتاج وتصنيع الصواريخ والمسيرات الى هناك مما عزز من دورها في التعاطي مع تل أبيب من عدة جهات وتشتيت التركيز على اهداف داخل أراضيها مما ارهقها وشتت من انتباهها.
واذا ما اطلقت الصواريخ والمسيرات من تلك الجهات بشكل متوافق فإن انظمة الدفاع الجوي الاسرائيلية لن تعمل بالكفاءة المطلوبة وهذا يفسر نجاح تلك الضربات في إصابة بعضا من الأهداف وان كان معظمها قليل الخسائر الا ان اثره النفسي لا يقل تاثيرا عن التأثير المادي.
لكن السؤال هنا .. لماذا لم تتهم إسرائيل مباشرة الصين في دعم كل ما يحدث لها اليوم ؟
والجواب هو ان إسرائيل تخشى من خسارة العلاقات الوطيدة مع الصين لانها بكل بساطه اهم شريك اقتصادي استراتيجي بالنسبة لها بعد الولايات المتحدة و العالم والأكثر تاثيرا على الرغم من أن معظم صادرات الصين من النفط هو من ايران على مدى ربع قرن (25 عاما) ولكنها لا تكن العداء بتاتا للكيان الصهيوني وليس لديها مصلحة في عداوته.
بل ان إسرائيل كشفت وجود تورط لبنك صيني كبير في تمويل أموال من ايران الى عملائها في لبنان و سوريا وحتى الضفة الغربية وإلى حماس في قطاع غزة ومع ذلك غضت النظر عنها مقابل توقيع اتفاقية اقتصادية ضخمه ذات منفعة اكبر لتل أبيب من مقتل مواطنيها بفعل صاروخ أو قذيفة او سيارة مفخخة من قبل عملاء ايران و حماس.
وبالمقابل تحصل الصين على أسرار تكنولوجية لا تقدر بثمن تساهم في تحسين مساعدتها من العلماء الاسرائيليين. في النهاية تتغلب المادة على الأمور السياسية والنزاعات.
لكن الولايات المتحدة الأمريكية تخشى من ان الصين لا يمكن ضمانها فهي اليوم لديها تواجد في إسرائيل وتعمل عبر مكتب في ميناء حيفا الاستراتيجي ولا تستبعد واشنطن ان الصين زرعت انظمة تجسس على إسرائيل هناك وبامكانها ابتزاز تل أبيب متى شاءت وهو ما يؤكد لنا سبب عدم ذكر الحكومة الإسرائيلية اي خطاب عدائي على بكين.
في حين باتت الصين تلعب دورا مزدوجا لدعم مصالحها بمنطقة الشرق الأوسط الحيوية فهي ترى ان ايران قوية يمكن أن تتسبب بعدم استقرار بالمنطقة يخدم مصالحها ويزيد من التحديات على غريمتها الولايات المتحدة و يمكن أن يشغلها هناك وبالتالي تستغل ذلك للتخطيط باستعادة تايوان وبسط نفوذها العالمي اكثر واكثر.
رغم ما بذله الصحفيون الأربعة الألمان من جهود و كشفهم وجود وسيط هو السبب في حصول ايران على التكنولوجيا اللازمه لدعم انتاجها من الصواريخ المتنوعة ذات التوجيه الدقيق جدا و تطور ذلك الى تصديرها الى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا وهو ما يفسر دقة الإصابات الحالية عن السابقة وبالتالي تسبب الشبح الصيني او لي فانغوي في أحداث فوضى عالمية امتدت من الحدود الروسية الاوكرانية لشرق القارة الأوروبية وصولا إلى الشرق الأوسط واحداث غزة التي تحولت لحرب كبرى الان في عدة جبهات في العراق ولبنان وسوريا واليمن. كل ذلك سببه تسريب قدرة إنتاج التكنولوجيا اللازمة لتفعيل دقة الاسلحة لدى محور المواجهة الجديد والذي بات يشمل روسيا وكوريا الشمالية وإيران و في الخفاء تحت توجيه غير مباشر من الصين ضد الولايات المتحدة الأمريكية و الناتو وحلفاءها.
في نهاية المطاف؛ قد تعقد الصين صفقة رابحة جديدة مع الولايات المتحدة مقابل تجميد دور اشباحها في تهريب التكنولوجيا العسكرية الى خصوم كايران و كوريا الشمالية وحتى روسيا .. انه بالفعل عالم ذو قطب جديد منافس للقطب الأوحد أمريكا التي تسيدت المشهد منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 حتى جاء العام 2010 لتبدأ الصين بالتطلع نحو تقاسم العالم إلى أن تصل لمركز السيادة التامة وربما عن قريب.