شارك الخبر
دلتا برس ـ كتب/ عقيل الحنشي
في ظل التدهور المعيشي المتسارع في عدن وبقية محافظات الجنوب، ومعاناة المواطن الجنوبي التي باتت تُلامس حدود المأساة، أصبح من غير المقبول أن يبقى الصمت هو سيد الموقف.
إن تجاهل هذه المعاناة اليوم سيجعل من السيطرة عليها غداً أمراً مستحيلاً، وسيضعنا جميعاً أمام واقع ينفجر من الداخل.
إننا نحمّل القيادة الجنوبية مسؤولية مباشرة في احتواء هذا الغضب الشعبي وتوجيهه نحو أهداف وطنية واضحة، عبر تشكيل لجنة قيادية غير معلنة تضبط بوصلة الشارع، وتحول طاقته إلى ورقة نضال سياسي، لا أن تُترك هذه الحشود عرضة للاستغلال من قبل أطراف حزبية تسعى لخلق صدام بين الشعب والقوات الجنوبية التي هي من صلبه وتعاني ذات المعاناة.
الحقيقة الجلية أن المجلس الانتقالي الجنوبي، كممثل سياسي وحامل لقضية الجنوب، أمام اختبار حقيقي لقيادة هذه المرحلة الحرجة.
وإن أي تحرك شعبي لا يُدار بقيادة جنوبية واعية، سيتحول إلى فرصة لأطراف داخلية وخارجية لتوظيفه ضد المجلس نفسه، تحت شعارات مطلبية ظاهرها الرحمة وباطنها الطعن في مشروع الجنوب.
إن المطلوب ليس قمع هذا الصوت الشعبي، بل احتواؤه وتحويله من ورقة ضغط على المجلس الانتقالي إلى ورقة ضغط في يده، تُستخدم في مواجهة القوى الدولية والإقليمية التي فرضت واقعاً غير عادل، وحكومة مناصفة أضرت بالجنوب وأغرقته في دوامة الأزمات.
وإذا تولى المجلس الانتقالي زمام المبادرة وقاد هذا الحراك بذكاء سياسي وحنكة وطنية، فإنه سيحقق هدفين استراتيجيين :
1- تعزيز مكانته الاجتماعية والشعبية، من خلال الوقوف مع المواطن في خندق واحد، وضمان حماية الجماهير من الانزلاق إلى صدامات عبثية مع القوات الأمنية التي وُجدت لحماية الناس لا مواجهتهم.
2- امتلاك ورقة ضغط سياسية مؤثرة، في مواجهة التحالف العربي، لإسقاط فكرة المناصفة المجحفة، والمطالبة بحق الجنوب في تشكيل حكومة جنوبية كاملة الصلاحيات، تُمثل الإرادة الشعبية وتُمهّد لحوار دولي وإقليمي جاد نحو استعادة الدولة الجنوبية المستقلة.
إننا في لحظة تاريخية تستدعي قيادة استثنائية، وتحركاً ذكياً يعيد الاعتبار للجنوب وقضيته.
فالشارع الجنوبي اليوم ليس عبئاً، بل فرصة، إن أُحسنا توجيهها، قد تكتب بداية التحرر الحقيقي.