شارك الخبر
(إلىى روح أخي وصديقي حسين محمد ناصر.)
قبل سنين طويلة وتحديداً أوائل سني التسعينيات’دخلت مع صديقي حسين منزل صهره’ السيد أحمد بن عيسى الذي يمت بصلة قرابة إلى والدة صاحبي.كان الوقت ضحى يوم صيفي
دخلنا غرفة صغيرة مستطيلة تتسع لسرير مفرد حديدي’جلست وحسين على السرير.لم أنتبه إلى الصور الخمس خلفي.قال لي حسين وهو يشير بابهامه:(أنظر خلفك!)
التفت’ثم نهضت مستديرا إلى الجدار وإذا بصور خمسة رؤساء جنوبيين تصطف على الجدار ! بدءاً من قحطان الشعبي وانتهاء بالبيض علي سالم
وعجبت من الرجل العجوز كيف جرؤ على أن يبقى على صور المغضوب عليهم من قبل الرفاق الذين أكلوا بعضهم بعضاً.
وجاءنا السيد الجليل بالشاي’وقال له حسين:(ياخال’سالم مندهش يريد أن يعرف أنت مع من هؤلاء الخمسة ؟)
لم يحر الرجل جواباً قال بلكنته الحضرمية:(أحنا مع ذي العقل ياسالم!)
ورشف الشاي وهو ساخن’وقال لي:(اشرب باسالم’كنك !) وقد تعمد حسين أن يجلس خاله بيننا’وقلت أسأل السيد وأنا اتوقع منه جواباً يسرني ذلك أني حينها كنت مواليا لأحد الأربعة التصحيحيبن! رد علي وهو ينظر إلى صورته:(هذا دي قلب يضربنا بالرصاص يوم اسأؤوا له في زنجبار !)
همست لحسين (اليميني الرجعي!)
لعله سمعني:(كل ماقالوه عليه وما فعلوه به ظلم وعدوان!)
ولكن لماذا يرفع صور الجميع’قال:(لما سقطوه ما بغينا نسقطه نحن.)
لم يسقطه هو ولكنه رفع إلى جانبه صورة الرئيس الثاني’قلت له؛(الأنه من هذه البلدة التي سكنتها؟)
(له.بس تقية كما لو عرفوا أننا نرفع صورة طيب الذكر.)
لم افهم الرجل حينها.كنت متعصبا لأحد التصحيحيبن الذين ذبحوا بعضهم بعضاً .قال لي،:( إن الثاني:ومن تلاه ليسوا بأفضل من الأول.كلهم لو وضعتهم في كفه ووضعته في أخرى لرجح هو عند ذي العقل!)
لم يرق لي منطقه’فالاول لم يكن بحسباني البتة.كان دعاية الذين اسقطوه في لحظة طيش قد أثرت في’حتى كرهته’قال حسين:(ياخال’انظر إلى وجه سالم! لقد أحمر وهو يتمالك نفسه احتراماً لك!).كان حسين يعرف أني سريع الغضب.
ربت السيد بحنو على كتفي وهو يقول:(أوه كنك سالم انت ماباتحبه تبغاني نزله؟!)
قلت وأنا أنظر أمامي خجلاً من وقار السيد ابن عيسى:(هذا ببتك ياوالدي وليس بيتي.)
(لكننا نحترم الضيف.)
لم يبغ السيد أن ينزل الرئيس الأول’ولم يبغ أن ينزل الثاني’ولا الثالث ولا الرابع’او الخامس ليس لأنه يرتبط وإياه برابطة الدم ‘بل ليقول:(أنظروا لقد مر بالبلد خمسة’ورطه أربعة منهم في صراع مقيت على السلطة باسم المباديء!) سألته عن آخرهم قال:(مسكين حسن النيات!) ثم استطرد وهو يبتسم:(يركب بوها عشار كما أصحابه)_بضم الباء_
قلت:(مش كلهم!)
قال:(لا واحد كان عاقل وبعيد الأفق ياسالم’ لو بقي الآن أحنا في نعمة!)
لم أفهم السيد حينها.
الآن بعد مضي ثلاثة عقود ‘فكرت في كلام الرجل الذي قدم إلى أبين من حضرموت ليعمل كاتباً على الآلة الكاتبة في عاصمة السلطنة الفضلية.اواخر سني الخمسينيات.
فهمتك الآن ياسيدي’بعد أن اطلعت وسألت . .وعرفت أن واحد بأربعة.
فلقد أراد أن ينأى بشعبه عن الطوباويات وعن هذا المصير المأساوي الذي اوصلوه إليه ‘بعد أن قادت حماقاتهم بلده إلى طريق مسدود فلم بجد حسن النبات مناصا من إطلاق رصاصة الرحمة عليه ،وأية رحمة تلك ؟!لقد كان كالمستجير من الرمضاء بالنار.
ليتهم كانوا في مستوى الأول وفي بعد نظره وفي حنيته’وليت الذين مازالوا يعتقدون أن انقلابهم عليه كان خطوة تصحيح’ ليتهم مثلك ياسيدي ابن عيسى ينظرون في مصائر دعاة التصحيح ومصير بلد فرطوا فيه! هم الذين زعموا أنهم حرروه.
سالم فرتوت ٢٨يوليو٢٠٢٢م