شارك الخبر
أغرب انقلاب في العالم حدث في اليمن على شرعية لديها جيوش وقوات أمنية جرارة وتمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة وأجهزة أمنية تعمل على مدار الساعة لاحصاء أنفاس المواطنين وسلطات. دولة عميقة وسطحية جاثمة على البلاد والعباد لعقود من الزمن كل ذلك ولم تستطع ان توقف جماعه تنتمي لمليشيات تحمل فكر وبرنامج سياسي مغاير للواقع وتنتمي الى تراث سياسي غريب يحمل فكر وموروث الدولة الفارسية الشيعية والجميع يعرف مدى خطورة نجاح مثل هذا الانقلاب ومدى تاثيره على المجتمع اليمني والاقليم والعالم ولكن وهنا العجب العجاب حيث تحددت المواقف … منهم من وقف اما منحاز لذلك الانقلاب وعمل كل ما في وسعه لانجاحه ( الزعيم عفاش . وفريقه ) والبعض الاخر ترك موقعه وولى هاربا منتحل اسم عائلة السفير السعودي ( قائد الفرقة مدرع ) والبعض منهم ذهب الى صعده حيث يقبع المرشد الجديد للانقلاب وصاحب الزمان لكي يتم الاتفاق معه والعمل بشروطه (حزب الاصلاح الاخواني) وبقية القوى الاخرى اعتبرت الامر وكأنه لا يعنيها وسارت عملية الانقلاب بسلاسه وسمح له بالسيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة المدنية وقبلها العسكرية والامنية وبداء يفرض شروطه القاسية على مؤسسة الرئاسة الشرعية وعلى كامل المنظومة السياسية وتم فرض وثيقة السلم والشراكة تحت رعاية ممثل الامم المتحدة وباركها الاقليم والعالم متجاوزاً ما جرى من حوار لمدة عام برعاية الامم المتحدة والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وطارت مخرجات ذلك الحوار الوطني في الهواء واصبحت في خبر كان وتم شطبها من ذاكرة التاريخ وكأن شيىء لم يحصل وبداء الجميع ينتظم تحت قيادة الانقلابيين الظاهرين في المشهد منهم والقابعين وراء الستار وارغم الرئيس الشرعي المنتخب صاحب ابين حسب قولهم بتقديم استقالته وتبع ذلك استقالة الحكومة وتم حجز الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء الجنوبيون في الاقامة الجبرية وكانت الامور ستسير بهدوء حسب ما خطط لها لو لم تحدث غلطة في تقدير الحسابات من قبل قادة الانقلاب الظاهرين بان منعوا مجلس النواب من الانعقاد لقبول الاستقالة وتسلم رئيس مجلس النواب المؤتمري الرئاسة حسب الدستور لمدة شهرين للتحضير للانتخابات العامة لانتخاب رئيس جديد شرعي للبلاد لعدم ثقتهم بحليفهم عفاش من الغدر بهم وعوضا عن ذلك قاموا بفرض اعلان دستوري جديد يشرعن لهم اجراءاتهم الانقلابية
اعلنت ايران استيلائها على العاصمة العربية الرابعة صنعاء وهنا بداء اللعب على المكشوف وشاهد العالم الجسر الجوي الذي انطلق بين طهران وصنعاء ليضع البصمات الايرانية على شكل الانقلاب ومضمونه ومستقبل اليمن في خارطة الاقليم ودوره القادم كخط امامي وكذراع ايراني في خاصرة جنوب الجزيرة العربية بعد ان استكمل تمدده في شمال ألجزيره حيث شمل بغداد ودمشق وبيروت وكل ذلك اتى بعد الاتفاق النووي بين طهران وامريكا مباشره والذي اعطى فرصة سماح لايران لعشر سنين تتفرق لترتيب وضعها في الشرق الاوسط بعدها تستطيع ان تواصل مشروعها النووي مع ضخ لها مليارات من الدولارات كانت محجوزة في امريكاً وعند ذلك جرى تحرك استخباراتي لتهريب الرئيس الشرعي الى عدن ومن مقره الجديد قام بسحب استقالته وبداء ممارسة سلطته الشرعية من عدن كعاصمة موقته الا انه كان غير متيقن بان احد من الخارج سيتم مساعدته على اعادته الى صنعاء بسبب ان السفير الامريكي قد ابلغه بان لا احد سيتدخل في الشان الداخلي اليمني واصبح ذلك لديه من المسلمات وافقدته القدرة حتى في التفكير في كيفية الدفاع عن عدن التي حط رحاله فيها وظل فاقد الاحساس والشعور بالمسؤلية حيث وضع عدن والجنوب في فوهة المدفع والتي دفعت الانقلابيين تحت نصائح عفاش لهم لمطاردته الى عدن واجباره على العودة واخضاعه للامر الواقع وفعلا تحركت خلاياهم الفاعلة فيي عدن وما جاورها بتتبعه ونصبت له كمين محكم لاعتقاله وكان ان وقع في الكمين وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي وشقيقه اللواء ناصر منصور وقائد اللواء 119 اللواء فيصل رجب ونجا باعجوبة وعلى اثرها غادر عدن باتجاه عمان فارا بجلده
لم يستنكر العالم ما جرى وكانت تصريحات البيت الابيض تكاد تكون بمثابة ضؤ اخضر للانقلابيين بغزو الجنوب حين توافقت مواقفهم مع مواقف الانقلابيين بانهم ذاهبين لعدن لمطاردة الدواعش وكان ما يهم امريكا هي محاربة الارهاب وهذا كان اعلانهم وتصريحاتهم عبر الناطق الرسمي التابع لهم ولان في الامر بعد سياسي اكبر من مطاردة الدواعش او محاربة الارهاب الخاص بالامريكيين فقد شعر الاقليم وبالذات السعوديه بان سيطرة الحوثيين على عدن يعني سيطرة ايران على باب المندب وسيترتب على ذلك احكام الحصار على جزيرة العرب واستكمال حلقاته جنوبا في الوقت الذي تسيطر ايران على العراق وسوريا ولبنان واعلان سيطرتها على العاصمة الرابعة صنعاء وهذا سيكون له تبعاته السياسية والاقتصادية وحتى تبعاته السيادية لدول الجزيرة والخليج العربية وكل دول المنطقة بما في ذلك بقية الدول العربية الاخرى ستكون على مرمى حجر ايرانية والتي ستصبح المتحكم بمضائق هرمز وباب المندب وبحر العرب والمحيط الهندي وجنوب البحر الاحمر حتى ميدي جنوب المملكة وستكون ايران دولة محورية في منطقة الشرق الاوسط يخطب ودها العالم وهي التي منحت للتو على اتفاق نووي موجل لعشر سنوات من قبل ادارة اوباما الامريكية
الخلاصة بان سيناريو الانقلاب يؤكد بان هناك توافق بين القوى السياسية اليمنية التي تمثل زعامتها من الهضبة الزيدية بحل الشرعية الممثلة برئيسها الجنوبي صاحب ابين حسب تعبيرهم والتي يعتقدون بان استمراره سيتحتم عليهم تسليم السلطة للاغلبية السكانية عاجلا او اجلا وهذا الامر غير مقبول بالنسبة لهم لهذا مر الانقلاب بسلاسة وجميع القوى متفقة حول المسالة العامة ولكنها لم تكن متفقة حول التفاصيل ولذا لم تحسم امر تغيير الشرعية عبر الانتخاب وكان ذلك سبب رفض الحوثي تسلم مجلس النواب الراية وفق الدستور
لقد قاوم الجنوب جحافل الغزو الحوفاشي لمجرد ان وطأت تلك القوات ارض الجنوب دون معرفة بان هناك عاصفة للحزم او تدخل اقليمي وهذه كانت عقيدة قتالية نابعة من حب الجنوبيين لوطنهم الجنوب وكان لدبهم الاستعداد لخوض حرب عصابات طويلة المدى لما يمتلكوه من خبرة طويله في مقارعة التدخل الاجنبي واخرها هزيمة الامبراطورية البريطانية التي لم تغيب عنها الشمس التي خرجت تجر اذيال الهزيمة لهذا قاتل الجنوبيون بشراسة وتم دحر جيوش عفاش والحوثي من عدن والجنوب وبالمقابل لم يقاتل الشماليون لاستعادة حتى محافظة مكتملة من اراضي الشمال المسيطر عليه الحوثي فالاجابة ببساطة بان الجنوب لا يقبل الهيمنة الشمالية بحلتها الجديدة القديمة واثبت بانه غير تابع او جزء من الشمال ولديه استقلالية تاريخية ويمتلك ارث سيادي لن تستطيع اي قوة على الارض اجباره على الخضوع بينما القوات الشمالية التي يفترض انها تابعة للشرعية لم تقاتل الانقلابيين لانها تربطهم وشائج القربى فمنهم من تجد اخوه في الشرعية بينما ابوه او احد من اقاربه مع الانقلابيين ولم تكن لديهم مصلحة في هدم الكيان الشمالي وتم استثمار الحرب لمكاسب شخصية للقادة والمسؤلين وقد كان هناك تفاهم شمالي شرعي مع الانقلاابيين وتم اسقاط العديد من الجبهات وتسليم المعسكرات للانقلابيين بشكل سلس ودون ان تطلق طلقه رصاصه واحده والامر ليس بغريب وتجربة الجمهوريين والملكيين ليس ببعيد وقد تم تكرارها بحذافيرها
سيحفظ الجنوب الجميل لمن آزره في تلك الظروف الصعبة ومن قدم السلاح والدعم والدماء من ابناءه والذي كان لذلك دورا اساسيا في حسم المعركة بشكلٍ اسرع وفي نفس الوقت لم يتردد الجنوب ان يضع ابناءه وقدراته القتالية تحت تصرف المشروع العربي الذي سار نحو تحرير باب المندب حتى الوصول الى مشارف مدينة الحديده وقدم الجنوب دماء غزيره ومع ذلك لم يطلب الجنوب من احد مكافأة على تلك الاعمال الجليلة الا ان يكون هناك احترام لمكانته في ارضه واحترام حقه في العيش الكريم تحت سماء الوطن الجنوبي وهذا حق من حقوقه المشروعه التي لا يجب ان تنتقص تحت اي ظرف من الظروف
الشرعية وحكوماتها المتعاقبة شرعت في معاقبة الجنوب بشتى الوسائل وحتى غزوه تحت مسمى معركة خيبر واليوم المجلس الرئاسي وريث الشرعية والحكومة تواصل ذلك العقاب الذي وصل الى حد نشر المجاعة حتى في صفوف القوات الجنوبية المرابطة في خط النار مع الانقلابيين ولن تتجراء الشرعية ولا وريثها المجلس بالقيام بمثل ذلك العمل دون الركون الى دعم التحالف بينما ثروات الجنوب يجري العبث فيها دون حسيب او رقيب لذا يتطلب مراجعة الامر حتى لا يفقد التحالف حاضنته الجنوبية التي انتصرت لمشروعه السياسي الذي اثبت الجنوب بانه احد ركائزه الاساسية لكن معاقبة شعب الجنوب بكامله وحجزه للمساومات السياسية لن ينتج الا الى مزيد من الاحتقان الذي حتما سيؤدي الى الانفجار العظيم فسياسات قصيرة النظر التي تمارس ضده لن تجدي لانه شعب يملك ثقافة ورؤية سياسية مكنته من معرفة الصديق من العدو ولن تنطلي عليه اية الاعيب المبتدئين بالسياسة والذي يحاولون التعلم الحلاقه برؤس اليتامى
دون امتلاك وسيلة ضاغطة اخرى لن يتم دحر الانقلاب عبر التفاوض السياسي كوسيلة وحيدة وهذا مجرد مضيعة للوقت والاصرار على ذلك سيكون على حساب الجنوب لقد اصبح الانقلاب شرعي والجميع يفاوضه ويسترضيه ويقدم له الاغراءات بينما من حقق الانتصار تتم معاقبته في قوت يومه واحكام الحصار عليه من قبل شرعية سلمت له الدولة على طبق من ذهب …. فلا يوجد خيار امام الجنوبيين بمختلف مشاربهم الا ان يضمدوا جراحهم ويلتفوا حول انفسهم ويوحدوا رؤيتهم وهدفهم وهذا هو طريق الانتصار لاستعادة حقهم في الحياة والعيش بكرامة
قاسم عبدالرب العفيف
1/8/2022