شارك الخبر
كنت في حديث مع صديق تركي في مقهى – توم هورتون – كندا – كان الحديث عن احوال الطقس ، وامتد الى احوال بلاده تركيا ! ولقد تحدث صديقي باسهاب وإعجاب عن الشعبية الطاغية التي يتمتع بها رئيس تركيا الحالي – طيب رجب اردغان – وحزب العدالة ، واخبرني ان – أردغان – سوف يكتسح صناديق الاقتراع في الانتخابات القادمة لما يتمتع به اردغان من شعبية لا مثيل لها في اوساط الشعب التركي .
فكرت ملياً وقلت ولكن هناك معارضة ترص صفوفها وتأتلف للمنافسة ضد -اردغان -وهذا يهدد فرصته مستقبلا ، ويحد من شعبية حزبه مع مر الايام ، واوضحت لصديقي ان من اسباب ذلك رفض اردغان بل استهجانه بالحوار مع المعارضة ، بل وهناك في تركيا الاف المعتقلين بجريرة التآمر وشاب تلك الاعتقالات مظاهر العنف والغرور والخيلاء والقسوة .
وعبرت لصديقي ان حالات الثقة المبالغة تعتري بعض الزعماء فيستنكفون الحوارات فتصل الامور الى حالة من التململ الشعبي ثم تاتي المصيبة بانحسار الثقة فتندلع المظاهرات وقد تتسبب بعد حين في خسارة مدوية للحزب . وقلت ان هذا الى حدٍ ما تشهده فرنسا والرئيس ماكرون في هذه الايام وحزبه الجمهورية الى الأمام والذي تغير اسمه الى حزب النهضة فشعبية ماكرون على المحك اليوم بل وشعبية حزبه الفتي .
وضربت امثله وقعت في دول كثيرة بسبب نجاح وكرزمية شخصية الرئيس وقوة تاثيره الخطابي بل وطغيان الدعاية لشخصية الزعيم الوطني العظيم ! ومنهم الزعيم عبد الناصر حيث ابى ان يستمع لراي المعارضة قبيل سحب قوات السلام من غزة . كانت المعارضة رغم خفوت صوتها تحاول نصحه من مغبة شن الحرب على اسرائيل لعلمها ان قوة جيشه لم تكن قادرة حتى على حماية العاصة القاهرة .
فابى الزعيم جمال عبد الناصر الاستماع الى المعارضة او الراي الآخر فكانت تلك النكبة الساحقة اي نكبة خمسة حزيران ١٩٦٧م ولا زالت اثار تلك النكبة عميقة على مصر والعالم العربي .
حدث هذا ايضا مع زعيم – فينزولا – فشعبية – شافيز – وخلفه الحالي -مادورو – وما تسببته تلك الشعبية من الغرور في رفض الحوار مع المعارضة فاصابت فينزولا كوارث اقتصادية واجتماعية وانهارت العملة ،كل ذلك بسبب رفض الحزب الحاكم الاستماع الى المعارضة فتسبب ذلك في خلاف شعبي مرير ، وادت تلك الخلافات الى إنهيار الاقتصاد الفينزولي وهروب عشرات الالاف شهرياً ، من دولة هي الاثري بدون منازع ، حيث وهي الاولى في احتياطات النفط في العالم بما يناهز ٣٠٣ مليار برميل ! فضلا عن حقول واعدة لم يتم استغلالها .
استطيع ان اسرد عشرات الامثلة التي تسبب بها زعماء واحزاب اكتسحت احزابهم الانتخابات ، ثم ابى الحاكم المنتخب ان يستمع للمعارضة فكانت الحالقة . ومن هذه الحكومات الحكومة النازية في المانيا وما تسببته من كوارث ماحقة ساحقة في حق الشعب الالماني والعالم . لو كان هتلر منح المعارضة فرصة الحوار واستمع اليهم لما وقعت الحرب العالمية الثانية والتي دمرت دول بكاملها بما في ذلك مقتل ٤٠ مليون مدني و ٢٠ مليون جندي .لذلك فلا نصادر راي يخالف بل نشجع عليه لانه يسلط الضوء بقوة على جوانب معتمة من الدرب .
وعن الدعوة الى الحوار من قبل المجلس الانتقالي فهذا ما ادهش الجميع وتوقف عنده الجميع لصواب الراي فبرغم ان الانتقالي الجنوبي لديه تفويض متعاظم بل كاسح من مختلف طبقات الشعب والذي استجاب لدعوته ومضى الشعب يطوي الارض انتصارات كطي السجل تحت إمرة قائده ، الاً ان ذلك شجعه على اعتناق الحوار مع المعارضة ولم تاخذه غرور الشعبية المتعاظمة برفض الحوار بل اعلن المجلس اعتناق الحوار مع المعارضة بل واستمراره .
على ان الحوار هو من سجايا الاقوياء والعقلاء الواثقين ، فلا تضيق قلوبهم بالنقد وسماع صوت المعارضة ، بل ان هناك من الاحزاب حتى وان اكتسحت صناديق الاقتراع ، تانس الى تشكيل حكومة اتلافية وتشرك المعارضة حتى تتجنب الحكومة المشادات والاختلافات والاضطرابات .
وعودة الى ملتقى التشاور الذي لا زال منعقداً حتى اليوم في عدن ، فقد استمعت الى كل الكلمات التي القيت بما في ذلك كلمة الرئيس عيدروس بن قاسم الزُبيدي وقد كانت قصيرة ولكنها كثيفة في معناها ودلالاتها ،ولقد حددت مسارات الوطن الجنوبي وليس هناك من مسارات غيرها .
والشيء الذي يتمناه الكثيرون هو عدم اعلان القطيعة مستقبلا مع اخوتنا في الشمال تحت اي ظرف من الظروف والتحاور معهم رغم ما جرى بيننا وبينهم فليس لهم ولنا الا ان نتعايش بل ان نوطد هذه المصالحات ونحميها من الانهيار عبر الحوار .
وأنوه ان الشعبين في الشمال والجنوب هما اصحاب المصلحة الحقيقة ، لذا علينا ان نسمو بوعينا في تجنب الاختلافات السياسية وتاثيراتها المؤلمة على المواطن وعلينا البحث عن وضع قوانين تضمن حرية التنقل والتجارة والاقامة وكذلك انشاء شركات التنقيب في المناطق الحدودية فبلداننا زاخرة بالثروات من غاز ونفط ومعادن .
اخيرا كنت قد رصدت الشخصيات السياسية والوجاهات الذين ترددوا في عن حضور المؤتمر التشاوري ، ومنهم نشطاء لا تشوبهم شائبة ، فايقنت ان لهم ربما اسبابهم الصحية او الشخصية ولا ننسى ان الحوار بداء وسيستمر ،بل انه سيبقى ان شاء الله النهج الذي لن يحيد عنه المجلس الانتقالي حاليا ومستقبلا . وامنية عبر عنها الكثيرون وهي ان تبقى بعض لجان الحوار في عملها حتى يوم اعلان الحدث العظيم بل وما بعد الحدث العظيم .